كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ) هَذَا التَّعْمِيمُ لَا يُوَافِقُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ غَيَّبَ حَشَفَتَهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَأَ تَكْلِيفُهُ أَثْنَاءَ الْوَطْءِ فَاسْتَدَامَهُ) نَعَمْ لَوْ أَوْلَجَ ظَنًّا أَنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ فَبَانَ كَوْنُهُ بَالِغًا وَجَبَ الْحَدُّ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ م ر ش.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّكْلِيفَ مَوْجُودٌ حِينَئِذٍ بِالْقُوَّةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ التَّكْلِيفَ بِالْقُوَّةِ حَاصِلُهُ التَّجَوُّزُ فِي الْوَصْفِ بِهِ كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ بِهِ حَالَ النَّوْمِ حَاصِلٌ بِالِاسْتِصْحَابِ وَحَاصِلُهُ التَّجَوُّزُ فِي الْوَصْفِ بِهِ أَيْضًا فَدَعْوَى أَوْلَوِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِهَا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ التَّغْيِيبُ إلَخْ) اقْتِضَاءُ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ لِعِلْمِ اعْتِبَارِ وُجُودِ مَا ذُكِرَ مِمَّا تَقَدَّمَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ الزَّانِيَ بِنَاقِصٍ مُحْصَنٌ بِمَعْنَى أَنَّ زِنَاهُ بِالنَّاقِصِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُكْمِ الْإِحْصَانِ الَّذِي ثَبَتَ فَيُحَدُّ وَإِنْ كَانَ الْمَزْنِيُّ بِهِ نَاقِصًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي تَأْثِيرِ إحْصَانِهِ كَمَالُ الْمَزْنِيِّ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ مُبَالَغَتُهُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَرِضِينَ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَحَدُّ الْمُحْصَنِ إلَخْ) وَالْإِحْصَانُ لُغَةً الْمَنْعُ وَشَرْعًا بِمَعْنَى الْإِسْلَامِ وَالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْعِفَّةِ وَالتَّزْوِيجِ وَوَطْءِ الْمُكَلَّفِ الْحُرِّ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: الرَّجُلِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَهُوَ مُكَلَّفٌ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ) هَذَا التَّعْمِيمُ لَا يُوَافِقُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ غَيَّبَ حَشَفَتَهُ سم عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي وَكَمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي إحْصَانِ الْوَاطِئِ يُعْتَبَرُ فِي إحْصَانِ الْمَوْطُوءَةِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ أَقُولُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مُكَلَّفٌ إلَخْ اسْتِخْدَامًا (قَوْلُ الْمَتْنِ، وَهُوَ) أَيْ الْمُحْصَنُ الَّذِي يُرْجَمُ ع ش وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَأَ تَكْلِيفُهُ إلَخْ) تَعْمِيمٌ لِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْصَانُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا زَنَى بَعْدَهُ يُرْجَمُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَأَ تَكْلِيفُهُ أَثْنَاءَ الْوَطْءِ) أَيْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَ هَذِهِ الْغَايَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ التَّغْيِيبِ حَالَ حُرِّيَّتِهِ وَتَكْلِيفِهِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَثْنَاءَ الْوَطْءِ فَاسْتَدَامَهُ) نَعَمْ لَوْ أَوْلَجَ ظَانًّا أَنَّهُ غَيْرُ بَالِغٍ فَبَانَ كَوْنُهُ بَالِغًا وَجَبَ الْحَدُّ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ نِهَايَةٌ. اهـ. سم وَقَوْلُهُ وَجَبَ الْحَدُّ أَيْ الرَّجْمُ إذَا زَنَى بَعْدُ، قَوْلُهُ: قِيلَ إلَخْ وَافَقَهُ الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ) إلَى قَوْلِهِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ نَعَمْ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: فَمَنْ فِيهِ رِقٌّ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا وَمُسْتَوْلَدَةً. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ ذِمِّيٌّ) أَيْ أَوْ مُرْتَدٌّ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِحَدِّهِ) أَيْ الذِّمِّيِّ وَكَذَا ضَمِيرُ قَوْلِهِ لَا لِإِحْصَانِهِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ غَيَّبَ حَشَفَتَهُ) أَيْ وَلَوْ مَعَ خِرْقَةٍ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَطْلَبِ أَوْ غَيَّبَهَا غَيْرُهُ وَهُوَ نَائِمٌ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ نَحْوِ حَيْضٍ) إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ أَوْلَى فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ مَعَ الْإِكْرَاهِ إلَى فَلَا إحْصَانَ وَإِلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَئُولَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بِالْقُوَّةِ إلَى اسْتِصْحَابًا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ نَحْوِ حَيْضٍ إلَخْ) أَيْ وَنِفَاسٍ وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: اجْتِنَابُهَا) خَبَرُ أَنَّ وَالضَّمِيرُ لِلَّذَّةِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْحَرَامِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَوْفَاهَا) أَيْ مُطْلَقُ اللَّذَّةِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِحُرْمَتِهِ لِذَاتِهِ) يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُ الزَّوْجَيْنِ وَكَانَ فَاسِدًا فِي اعْتِقَادِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَهَلْ يَحْصُلُ التَّحْصِينُ بِالنِّسْبَةِ لِمُعْتَقِدِ الصِّحَّةِ الظَّاهِرُ نَعَمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرُ.
(قَوْلُهُ: وَكَمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الشُّرُوطِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَهَذِهِ الشُّرُوطُ كَمَا تُعْتَبَرُ فِي الْوَاطِئِ تُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي الْمَوْطُوءَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ نَظَرَ فِيهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَطِئَ فِي نِكَاحٍ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ زَنَى، وَهُوَ كَامِلٌ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مَعَ تَغْيِيبِهَا إلَخْ) أَيْ مَعَ إدْخَالِ الْمَرْأَةِ حَشَفَةَ الرَّجُلِ فِيهَا، وَهُوَ نَائِمٌ وَإِدْخَالِهِ فِيهَا، وَهِيَ نَائِمَةٌ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّكْلِيفَ مَوْجُودٌ حِينَئِذٍ بِالْقُوَّةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ وُجُودَ التَّكْلِيفِ بِالْقُوَّةِ حَاصِلُهُ التَّجَوُّزُ فِي الْوَصْفِ بِهِ كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ بِهِ حَالَ النَّوْمِ بِالِاسْتِصْحَابِ حَاصِلُهُ التَّجَوُّزُ فِي الْوَصْفِ بِهِ أَيْضًا فَدَعْوَى أَوْلَوِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ) إلَى قَوْلِهِ وَلِظُهُورِ هَذَا فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: اشْتِرَاطُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالتَّكْلِيفِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالْكَامِلِ) فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنَّ الَّذِي صَارَ كَامِلًا فِي الْإِحْصَانِ بِسَبَبِ نَاقِصٍ كَمَا إذَا وَطِئَ الْحُرُّ الْمُكَلَّفُ أَمَةً أَوْ صَبِيَّةً أَوْ مَجْنُونَةً بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ ثَبَتَ الْإِحْصَانُ لَهُ دُونَهَا وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ. اهـ. كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ) أَيْ عَدَمَ تَعَلُّقِهِ بِالزَّانِي.
(قَوْلُهُ: لَاقْتَضَى أَنَّ الْكَامِلَ إلَخْ) اقْتِضَاءُ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ لِعِلْمِ اعْتِبَارِ وُجُودِ مَا ذُكِرَ مِمَّا تَقَدَّمَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ الزَّانِيَ بِنَاقِصٍ مُحْصَنٌ بِمَعْنَى أَنَّ زِنَاهُ بِالنَّاقِصِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُكْمِ الْإِحْصَانِ الَّذِي ثَبَتَ فَيُحَدُّ، وَإِنْ كَانَ الْمَزْنِيُّ بِهِ نَاقِصًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي تَأْثِيرِ إحْصَانِهِ كَمَالُ الْمَزْنِيِّ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ مُبَالَغَتُهُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَرِضِينَ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُصِبْ مَنْ اعْتَرَضَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لَا يُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِنَاقِصٍ لَا يَخْلُو أَمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالزَّانِي أَوْ بِالْكَامِلِ فَإِنْ عَلَّقَهُ بِالْأَوَّلِ فَسَدَ الْمَعْنَى إذْ يَقْتَضِي إلَخْ، وَإِنْ عَلَّقَهُ بِالثَّانِي يَصِير قَوْله: الزَّانِي ضَائِعًا فَلَوْ قَالَ، وَأَنَّ الْكَامِلَ بِنَاقِصٍ مُحْصَنٌ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَقْرَبَ إلَى الْمُرَادِ وَمِنْ الشُّرَّاحِ مَنْ أَجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِنَاقِصٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ، وَأَنَّ الْكَامِلَ الزَّانِيَ إذَا كَانَ كَمَالُهُ بِنَاقِصٍ مُحْصَنٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِالْبَانِي) أَيْ النَّاكِحِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ بَنَى عَلَى أَهْلِهِ إلَخْ) كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ. مُغْنِي.
(وَ) حَدُّ الْمُكَلَّفِ وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ (الْبِكْرُ) وَهُوَ غَيْرُ الْمُحْصَنِ السَّابِقِ (الْحُرُّ) الذَّكَرُ وَالْمَرْأَةُ (مِائَةُ جَلْدَةٍ) لِلْآيَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوُصُولِهِ إلَى الْجِلْدِ (وَتَغْرِيبُ عَامٍ) أَيْ سَنَةٍ هِلَالِيَّةٍ وَآثَرَهُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْجَدْبِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ بِهِ وَعَطَفَ بِالْوَاوِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ تَقْدِيمُ الْجَلْدِ أَوْلَى فَيُعْتَدُّ بِتَقْدِيمِ التَّغْرِيبِ وَتَأَخُّرِ الْجَلْدِ، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَعَبَّرَ بِالتَّغْرِيبِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ تَغْرِيبِ الْحَاكِمِ فَلَوْ غَرَّبَ نَفْسَهُ لَمْ يَكْفِ إذْ لَا تَنْكِيلَ فِيهِ وَابْتِدَاءُ الْعَامِ مِنْ ابْتِدَاءِ السَّفَرِ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ مَضَى عَلَيْهِ عَامٌ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ وَيَحْلِفُ نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ لِبِنَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَتُغَرَّبُ مُعْتَدَّةٌ وَأُخِذَ مِنْهُ تَغْرِيبُ الْمَدِينِ وَمُسْتَأْجَرِ الْعَيْنِ وَفِي الْأَخِيرِ نَظَرٌ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مُعْظَمَ الْحَقِّ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ الْحَقُّ مُتَمَحِّضٌ لِلْآدَمِيِّ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُعَدَّى عَلَيْهِ ثُمَّ رَأَيْتُ شَيْخَنَا رَجَّحَ أَنَّهُ لَا يُغَرَّبُ إنْ تَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْغُرْبَةِ كَمَا لَا يُحْبَسُ لِغَرِيمِهِ إنْ تَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْحَبْسِ وَيُوَجَّهُ تَغْرِيبُ الْمَدِينِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا بِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَضَى مِنْهُ وَإِلَّا لَمْ تُفِدْ إقَامَتُهُ عِنْدَ الدَّائِنِ فَلَمْ يَمْنَعْ حَقُّهُ تَوَجُّهَ التَّغْرِيبِ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ التَّغْرِيبُ (إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ) مِنْ مَحَلِّ زِنَاهُ (فَمَا فَوْقَهَا) مِمَّا يَرَاهُ الْإِمَامُ بِشَرْطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَالْمَقْصِدِ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ بِالْبَلَدِ طَاعُونٌ لِحُرْمَةِ دُخُولِهِ ذَلِكَ اقْتِدَاءً بِالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَلِأَنَّ مَا دُونَهَا فِي حُكْمِ الْحَضَرِ (وَإِذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ جِهَةً فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ غَيْرِهَا فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِيهِ فَلَا يَحْصُلُ الزَّجْرُ الْمَقْصُودُ وَيُلْزَمُ بِالْإِقَامَةِ فِيمَا غُرِّبَ إلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ كَالْحَبْسِ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ تَنَاقُضٍ فِي الرَّوْضَةِ وَجَمَعَ شَيْخُنَا بِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ انْتِفَاءُ فَائِدَةِ التَّغْرِيبِ إذْ تَجْوِيزُ انْتِقَالِهِ لِغَيْرِ بَلَدِهِ وَدُونَ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْهَا يَجْعَلُهُ كَالْمُتَنَزِّهِ فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ مَنَافٍ لِلْمَقْصُودِ مِنْ تَغْرِيبِهِ وَأُخِذَ مِنْ قَوْلِهِمْ كَالْحَبْسِ أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ نَحْوِ اسْتِمْتَاعٍ بِالْحَلِيلَةِ وَشَمِّ الرَّيَاحِينِ وَفِي عُمُومِهِ نَظَرٌ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ لَهُ اسْتِصْحَابَ أَمَةٍ يَتَسَرَّى بِهَا دُونَ أَهْلِهِ وَعَشِيرَتِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ حَمْلِ مَالٍ زَائِدٍ عَلَى نَفَقَتِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ وَلَا يُقَيَّدُ إلَّا إنْ خِيفَ مِنْ رُجُوعِهِ وَلَمْ تُفِدْ فِيهِ الْمُرَاقَبَةُ أَوْ مِنْ تَعَرُّضِهِ لِإِفْسَادِهِ النِّسَاءَ مَثَلًا وَأَخَذَ مِنْهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِإِفْسَادِ النِّسَاءِ أَوْ الْغِلْمَانِ أَيْ وَلَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِحَبْسِهِ حُبِسَ قَالَ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ الْمُدَّةِ أُعِيدَ لِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ وَاسْتَأْنَفَهَا إذْ لَا يَتِمُّ التَّنْكِيلُ إلَّا بِمُوَالَاةِ مُدَّةِ التَّغْرِيبِ (وَيُغَرَّبُ غَرِيبٌ) لَهُ وَطَنٌ (مِنْ بَلَدِ الزِّنَا إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ) أَيْ وَطَنِهِ وَلَوْ حِلَّةَ بَدْوِيٍّ إذْ لَا يَتِمُّ الْإِيحَاشُ إلَّا بِذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ بُعْدُ مَا غُرِّبَ إلَيْهِ عَنْ وَطَنِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ (فَإِنْ عَادَ) الْمُغَرَّبُ (إلَى بَلَدِهِ) الْأَصْلِيِّ أَوْ الَّذِي غُرِّبَ مِنْهُ أَوْ إلَى دُونِ الْمَسَافَةِ مِنْهُ (مُنِعَ فِي الْأَصَحِّ) مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ السَّنَةَ ثُمَّ رَأَيْتُ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ أَمَّا غَرِيبٌ لَا وَطَنَ لَهُ كَأَنْ زَنَى مَنْ هَاجَرَ لِدَارِنَا عَقِبَ وُصُولِهَا فَيُمْهَلُ حَتَّى يَتَوَطَّنَ مَحَلًّا ثُمَّ يُغَرَّبُ مِنْهُ وَفَارَقَ- خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ-: تَغْرِيبَ مُسَافِرٍ زَنَى لِغَيْرِ مَقْصِدِهِ وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ مَثَلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ تَنْكِيلُهُ وَإِيحَاشُهُ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِذَلِكَ- بِأَنَّ هَذَا لَهُ وَطَنٌ فَالْإِيحَاشُ حَاصِلٌ بِبُعْدِهِ عَنْهُ وَذَاكَ لَا وَطَنَ لَهُ فَاسْتَوَتْ الْأَمَاكِنُ كُلُّهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَتَعَيَّنَ إمْهَالُهُ لِيَأْلَفَ ثُمَّ يُغَرَّبُ لَيَتِمَّ الْإِيحَاشُ وَاحْتِمَالُ أَنَّهُ قَدْ لَا يَتَوَطَّنُ بَلَدًا فَيُؤَدِّي إلَى سُقُوطِ الْحَدِّ بَعِيدٌ جِدًّا فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ كَاحْتِمَالِ الْمَوْتِ وَنَحْوِهِ وَلَوْ زَنَى فِيمَا غُرِّبَ لَهُ غُرِّبَ لِغَيْرِهِ الْبَعِيدِ عَنْ وَطَنِهِ وَمَحَلِّ زِنَاهُ وَدَخَلَ فِيهِ بَقِيَّةُ الْأَوَّلِ (وَلَا تُغَرَّبُ امْرَأَةٌ وَحْدَهَا فِي الْأَصَحِّ بَلْ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ) أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَالْمَقْصِدِ بَلْ أَوْ وَاحِدَةٍ ثِقَةٍ أَوْ مَمْسُوحٍ كَذَلِكَ أَوْ عَبْدِهَا الثِّقَةِ إنْ كَانَتْ هِيَ ثِقَةً أَيْضًا بِأَنْ حَسُنَتْ تَوْبَتُهَا لِمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ أَنَّ السَّفَرَ الْوَاجِبَ يَكْفِي فِيهِ ذَلِكَ وَذَلِكَ لِحُرْمَةِ سَفَرِهَا وَحْدَهَا كَمَا مَرَّ ثَمَّ بِتَفْصِيلِهِ وَوُجُوبِ السَّفَرِ عَلَيْهَا لَا يُلْحِقُهَا بِالْمُسَافِرَةِ لِلْهِجْرَةِ حَتَّى يَلْزَمَهَا السَّفَرُ وَلَوْ وَحْدَهَا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ تِلْكَ تَخْشَى عَلَى نَفْسِهَا أَوْ بُضْعِهَا لَوْ أَقَامَتْ وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَانْتَظَرَتْ مَنْ يَجُوزُ لَهَا السَّفَرُ مَعَهُ وَلَا يَلْزَمُ نَحْوَ الْمَحْرَمِ السَّفَرُ مَعَهَا إلَّا بِرِضَاهُ (وَلَوْ بِأُجْرَةٍ) طَلَبَهَا مِنْهَا فَتَلْزَمُهَا كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ فَإِنْ أَعْسَرَتْ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ أُخِّرَ التَّغْرِيبُ حَتَّى تُوسِرَ كَأَمْنِ الطَّرِيقِ وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَمْرَدُ حَسَنٌ فَلَا يُغَرَّبُ إلَّا مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ سَيِّدٍ.
تَنْبِيهٌ:
أَطْلَقُوا فِي الْحُرِّ أَنَّ مُؤْنَةَ تَغْرِيبِهِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ مُؤَنُ السَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ فِيهِ أَنَّهَا عَلَى السَّيِّدِ وَقَالَ شَارِحٌ مُؤَنُ تَغْرِيبِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى السَّيِّدِ وَمُؤَنُ الْإِقَامَةِ عَلَى السَّيِّدِ وَلَعَلَّهُ لَحَظَ الْفَرْقَ بِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى الْقِنِّ أَصَالَةً، وَهُوَ فِي حُكْمِ الْمُعْسِرِ وَالْمُعْسِرُ مُؤَنُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوَّلًا فَقُدِّمَ عَلَى السَّيِّدِ بِخِلَافِ الْحُرِّ فَإِنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْيَسَارُ وَغَيْرُهُ فَفَصَّلَ فِيهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَيُوَجَّهُ فَرْقُهُ بَيْنَ مُؤْنَةِ التَّغْرِيبِ وَمُؤْنَةِ الْإِقَامَةِ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ لِحَقِّ الْمِلْكِ فَلَزِمَتْهُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْأُولَى.
وَفَصَّلَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُغَرِّبُ الْمَالِكَ فَهِيَ عَلَيْهِ أَوْ السُّلْطَانُ فَهِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) حَتَّى بِالْأُجْرَةِ (لَمْ يُجْبَرْ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّ فِي إجْبَارِهِ تَعْذِيبَ مَنْ لَمْ يُذْنِبْ (وَ) حَدُّ (الْعَبْدِ) يَعْنِي مَنْ فِيهِ رِقٌّ، وَإِنْ قَلَّ سَوَاءٌ الْكَافِرُ وَغَيْرُهُ (خَمْسُونَ وَتَغْرِيبُ نِصْفِ سَنَةٍ) عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ لِآيَةِ: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ} أَيْ غَيْرِ الرَّجْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَصَّفُ وَلَا مُبَالَاةَ بِضَرَرِ السَّيِّدِ كَمَا يُقْتَلُ بِنَحْوِ رِدَّتِهِ وَلَا بِكَوْنِ الْكَافِرِ لَمْ يَلْتَزِمْ الْجِزْيَةَ كَمَا فِي الْمَرْأَةِ الذِّمِّيَّةِ وَمُخَالَفَةُ جَمْعٍ فِيهِ مَرْدُودَةٌ بِقَوْلِهِمْ لِلْكَافِرِ حَدُّ عَبْدِهِ الْكَافِرِ وَبِأَنَّهُ تَابِعٌ لِسَيِّدِهِ وَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ فُرُوعِ التَّغْرِيبِ السَّابِقَةِ وَغَيْرِهَا وَمِنْهُ خُرُوجُ نَحْوِ مَحْرَمٍ مَعَ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ الْأَمْرَدِ (وَفِي قَوْلٍ) يُغَرَّبُ (سَنَةً) لِتَعَلُّقِهِ بِالطَّبْعِ فَلَا يَخْتَلِفَانِ فِيهِ كَمُدَّةِ الْإِيلَاءِ (وَ) فِي (قَوْلٍ لَا يُغَرَّبُ) لِتَفْوِيتِ حَقِّ السَّيِّدِ.